هي سيئة الأخرى : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ).
ومن حصائل التفكر في الدنيا أن تبصروا بها فتبصّركم ، كما أن تركه يجعلكم تبصرون إليها فتعميكم وعلى حدّ قول الامام علي امير المؤمنين (عليه السّلام) في وصفها : «من أبصر بها بصرته ومن أبصر إليها أعمته».
فلان في آيات الله البينات عرضا وافيا عن الدنيا والآخرة ، نبراسا للتفكر فيهما ، ومتراسا عن التبعثر بشأنهما ، فعلى التالين للذكر الحكيم ان يتفكروا فيهما على ضوءه ، فانه مصدر التفكير ومحوره ، فالتفكر في شؤون الحياتين منعزلا عن آيات الكتاب ، انه غير ناجح كما يرام ، كما ان الجمود على قراءة الكتاب دونما تفكر فيه نفسه ، ونبراسا للتفكر في الحياتين ، هو كذلك لا ينجح كما يرام ، فلا بد من دمج العقلية الانسانية بعقلية الوحي ، تأصيلا للوحي فاستئصالا لكل انحراف عن العقليتين.
وهكذا يستجيش القرآن عقل الإنسان الى الحركة الفكرية الدائبة حول شؤون الحياتين ، تأكيدا من أن التفكر في الحياة الدنيا وحدها ، ومنعزلا عن آيات الله البينات ، مما يجرف بالإنسان إلى شفا جرف هار فانهار به إلى نار جهنم.
فمن يفكر في الصالح الشخصي للحياة الدنيا ليس لينفق العفو ولا يسأل عن اليتامى ولا عن سائر المحاويج ، ولكن الذي يفكر في الاخرى كما الاولى يرى الإنفاق هنا ربوة هنا وهناك والآخرة خير وأبقى ، وقليل هؤلاء الذين يعرفون مصلحية الحياة الدنيا الحقيقية غضا عن الأخرى ، فينفقون حفاظا على صالح الأولى طمأنة لها عن فوضى المحاويج وثورتهم ضد الأثرياء ، فالواجب ككّل التفكر في الحياة الدنيا والآخرة على ضوء آيات الله البينات.