نصبا ، وقضيته عطفها على «الموفون» بمن قبلهم ، هي «الصابرون»؟
علّها منصوبة على الإختصاص لاختصاص الصبر في ذلك المراس قضية الاحتراس على الإيمان ببنوده عقيديا وعمليا ، فالصبر في البأساء والضراء وحين البأس ـ إنه في ذلك المثلث البارع ـ تربية للنفوس وإعداد لها ، كيلا تطير شعاعا مع كل نازلة ، ولا تذهب حسرة مع كل فاجعة ، ولا تنهار جزعا أمام الشدة ، تجملا وتماسكا وثباتا حتى تنقشع الغاشية وترحل النازلة ، رجاء في الله ، وثقة بالله واعتمادا على الله.
فلا بد لأمة تناط بها القوامة على البشرية أن تتهيأ لوعثاء الطريق ومشاقّ السفر على أية حال ، في كل حل وتر حال ، في البأساء والضراء وحين البأس ، لكي تنهض بواجبها الضخم ، وتؤدي دورها المرسوم.
فالصبر في مثلثه رباط عن التفسخ في كل زوايا الإيمان وقضاياه ، ورزاياه من كتلة اللّاإيمان ، ولذلك يختص هنا بتقدير الإختصاص ، وأخص «الصابرين» بين كل المؤمنين ، وأخص الصبر بين كل سمات الإيمان ، لاختصاصه في مراس الإيمان واحتراسه.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) ١٧٨.
«القصاص» لغويا هي المقاصة من القص : تتبع الأثر ، او القصة : محاكات الواقع كما هو ، فهي ـ إذا ـ تتبع الأثر كما أثّر دون إفراط عليه ولا تفريط عنه ، نفسا بنفس كما هنا «في القتلى» أم جرحا بجرح : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ)