للأمر المعقول ، وهو الإبداع والاختراع ، بالأمر المحسوس وهو البناء.
ثم ذكر هيئة البناء بقوله : (رَفَعَ سَمْكَها) وهو الامتداد القائم من السفل إلى العلو ، وعكسه يسمى عمقا.
٤ ـ دل قوله تعالى : (فَسَوَّاها) على أن الأرض كروية ، كما دل قوله تعالى : (دَحاها) على أن كروية الأرض ليست تامة ، بل هي مفلطحة كالبيضة. ودحو الأرض لا ينافي تقدم خلق الأرض على السماء في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ، ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) [البقرة ٢ / ٢٩].
٥ ـ إنما نسب الله تعالى الليل والنهار إلى السماء ؛ لأنهما يحدثان بسبب غروب الشمس وطلوعها ، وهذان إنما يحصلان بسبب حركة الفلك.
٦ ـ وصف الله تعالى كيفية خلق الأرض بعد وصف كيفية خلق السماء ، وذكر صفات ثلاثا : هي دحو الأرض ، أي بسطها وتمهيدها الذي حصل بعد خلق السماء ، وإخراج الماء والمرعى من الأرض ، والمرعى : يشمل جميع ما يأكله الناس والأنعام ، وإرساء الجبال وتثبيتها في أماكنها. قال القتبي : دل الماء والمرعى على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا ومتاعا للأنام من العشب والشجر والحب والتمر والعصف والحطب واللباس والنار والملح ؛ لأن النار من العيدان ، والملح من الماء.
٧ ـ امتن الله تعالى على خلقه بأنه إنما خلق هذه الأشياء في السماء والأرض متعة ومنفعة لهم ولأنعامهم ، أو تمتيعا لهم ولأنعامهم.
٨ ـ دل مجموع الآيات هنا ، وفي سورة السجدة (فصلت) وسورة البقرة وغيرها ، على أن الله تعالى خلق الأرض أولا ، ثم خلق السماء ثانيا ، ثم دحا الأرض بعد ذلك ثالثا ؛ لأنها كانت أولا كالكرة المجتمعة ، ثم إن الله تعالى مدها وبسطها.