ربيعة ، وأبو جهل بن هشام ، والعباس بن عبد المطلب ، وأمية بن خلف ، والوليد بن المغيرة ، يدعوهم إلى الإسلام ، رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم ، فقال : يا رسول الله ، أقرئني وعلّمني مما علمك الله ، وكرر ذلك ، وهو لا يعلم شغله بالقوم ، فكره رسول الله صلىاللهعليهوسلم قطعه لكلامه ، وعبس وأعرض عنه ، فنزلت ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد ذلك يكرمه ويقول إذا رآه : «مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ، ويقول له : هل لك من حاجة؟». واستخلفه على المدينة واليا مرتين في غزوتين غزاهما (١).
قال أنس : فرأيته يوم القادسية راكبا ، وعليه درع ، ومعه راية سوداء. ويروى : أنه صلىاللهعليهوسلم ما عبس بعدها في وجه فقير قط ، ولا تصدّى لغني.
وعلّق القرطبي على أسماء الصناديد المذكورين بقوله : وهذا كله باطل وجهل من المفسرين الذين لم يتحققوا الدين ، ذلك أن أمية بن خلف والوليد كانا بمكة ، وابن أم مكتوم كان بالمدينة ، ما حضر معهما ولا حضرا معه ، وكان موتهما كافرين ، أحدهما قبل الهجرة ، والآخر ببدر ، ولم يقصد قط أمية المدينة ، ولا حضر عنده مفردا ، ولا مع أحد (٢).
ثم علّق أبو حيان على ذلك بقوله : والغلط من القرطبي ، كيف ينفي حضور ابن أم مكتوم معهما ، وهو وهم منه ، وكلهم من قريش ، وكان ابن أم مكتوم منها ، والسورة كلها مكية بالإجماع ، وابن أم مكتوم كان أولا بمكة ، ثم هاجر إلى المدينة ، وكانوا جميعهم بمكة حين نزول هذه الآية ، وابن أم مكتوم ، هو عبد الله بن شريح بن مالك بن أبي ربيعة الفهري من بني عامر بن لؤي القرشي ، وأم مكتوم أم أبيه عاتكة ، وهو ابن خال خديجةرضياللهعنها (٣).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٩ / ٢١٢ ، عرائب القرآن : ٣٠ / ٢٧ ، تفسير الرازي : ٣١ / ٥٤
(٢) تفسير القرطبي ، المكار السابق.
(٣) البحر المحيط : ٨ / ٤٢٧