ويتساءل : ما للأرض زلزلت ، ما لها أخرجت أثقالها؟ وهي كلمة تعجيب.
٣ ـ إذا زلزلت الأرض تخبر يومئذ بما عمل عليها من خير أو شر ، ومعنى تحديث الأرض عند أبي مسلم الأصفهاني : يومئذ يتبين لكل أحد جزاء عمله ، فكأنها حدثت بذلك ، كقولك : الدار تحدثنا بأنها كانت مسكونة ، فكذا انتقاض الأرض بسبب الزلزلة تحدث أن الدنيا قد انقضت ، وأن الآخرة قد أقبلت. وقال الطبري : تبين أخبارها بالرّجة والزلزلة وإخراج الموتى.
وقال الجمهور : المعنى أن الله تعالى يجعل الأرض حيوانا عاقلا ناطقا ويعرفها جميع ما عمل أهلها ، فحينئذ تشهد لمن أطاع ، وعلى من عصى ، قال صلىاللهعليهوسلم في حديث الترمذي عن أبي هريرة : «إن الأرض لتخبر يوم القيامة بكل عمل عمل عليها» ثم تلا هذه الآية (١).
٤ ـ الذي تخبر به الأرض : إما أعمال العباد على ظهرها ، كما جاء في حديث الترمذي عن أبي هريرة المتقدم : «أتدرون ما أخبارها؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها ، تقول : عمل يوم كذا ، وكذا ، قال : فهذه أخبارها».
أو أنها تخبر بما أخرجت من أثقالها ، كما جاء في حديث ابن ماجه عن ابن مسعود عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إذا كان أجل العبد بأرض أو ثبته الحاجة إليها ، حتى إذا بلغ أقصى أثره ، قبضه الله ، فتقول الأرض يوم القيامة : ربّ هذا ما استودعتني».
أو أنها تحدث بقيام الساعة إذا قال الإنسان : ما لها؟ وهذا قول ابن مسعود ، فتخبر أن أمر الدنيا قد انقضى ، وأمر الآخرة قد أتى ، فيكون ذلك منها جوابا لهم عند سؤالهم ، ووعيدا للكافر ، وإنذارا للمؤمن (٢).
__________________
(١) تفسير الرازي : ٣٢ / ٥٩ ، تفسير القرطبي : ٢٠ / ١٤٩ ، غرائب القرآن : ٣٠ / ١٥٧
(٢) تفسير القرطبي : ٢٠ / ١٤٨ ـ ١٤٩