سبحانه ، لتشهد على العباد. قال ابن عباس في الآية : قال لها ربها : قولي ، فقالت.
أخرج الإمام أحمد والترمذي والنسائي ـ واللفظ له ـ عن أبي هريرة قال : «قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) قال : أتدرون ما أخبارها؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها أن تقول : عمل كذا وكذا ، يوم كذا وكذا ، فهذه أخبارها» (١). وقال الطبري : إن هذا تمثيل ، والمراد أنها تنطق بلسان الحال ، لا بلسان المقال.
ثم أبان الله تعالى مصدر هذه الواقعة ، فقال :
(بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) أي تحدّث أخبارها بوحي الله وإذنه لها بأن تتحدث وتشهد. فقوله : (أَوْحى لَها) أي أذن لها وأمرها ، أو أوحى إليها أي ألهمها.
(يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) أي في هذا اليوم المضطرب وفي يوم الخراب المدمر ، يصدر الناس من قبورهم إلى موقف الحساب ، مختلفي الأحوال ، فبعضهم آمن ، وبعضهم خائف ، وبعضهم بلون أهل الجنة ، وبعضهم بلون أهل النار ، ليريهم الله أعمالهم معروضة عليهم. هذا ما يراه بعض المفسرين كالشوكاني. فالصدر على هذا الرأي : هو قيامهم للبعث بعد أن كانوا مدفونين في الأرض ، و (أَشْتاتاً) فرقا مؤمن وكافر وعاص ، سائرون إلى العرض ، ليروا أعمالهم.
وقال آخرون كابن كثير : يرجعون عن موقف الحساب أشتاتا ، أي أنواعا وأصنافا ، ما بين شقي وسعيد ، مأمور به إلى الجنة ، ومأمور به إلى النار ،
__________________
(١) قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب.