المعصية والكفر وتكذيب الرسل المؤدي إلى النار. والخلاصة : أنه تعالى لما ذكر وعيد الكفار ، أتبعه بوعد الأخيار.
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن السعداء وما أعد لهم من الكرامة والنعيم المقيم ، فيقول : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً ، حَدائِقَ وَأَعْناباً ، وَكَواعِبَ أَتْراباً ، وَكَأْساً دِهاقاً) أي إن للذين اتقوا ربهم بالعمل بأوامره واجتناب نواهيه فوزا وظفرا بالمطلوب ، ونجاة من النار ، بالاستمتاع بالبساتين ذات الأشجار والأثمار والأعناب اللذيذة الطعم ، وبالنساء الحور الكواعب ذوات الأثداء القائمة على صدورهن لم تتكسر ولم تتدلّ ، المتساويات في السن ، وبتناول الكؤوس المترعة المملوءة بالخمر غير المسكرة.
وعطف الأعناب على الحدائق من عطف الخاص على العام ، الذي يدل على تعظيم حال تلك الأعناب. وفسر ابن عباس (مَفازاً) بقوله : متنزها ، ورجحه ابن كثير ؛ لأنه تعالى قال بعده : (حَدائِقَ) والحدائق : البساتين من النخيل وغيرها.
(لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً) أي لا يسمعون في الجنة الباطل من الكلام ، ولا يكذب بعضهم بعضا كقوله تعالى : (لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) [الطور ٥٢ / ٢٣] ، وهذا دليل على نظافة البيئة وسموها الأدبي ، مما ترتاح له النفوس ، خلافا لحال الدنيا حيث يسمع فيها الإنسان المؤمن ما يجرح الشعور ويؤلم النفس ، فليس في الجنة كلام لاغ ساقط عار عن الفائدة ، ولا إثم كذب ، بل هي دار السلام ، وكل ما فيها سالم من النقص.
(جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً) أي جازاهم الله تعالى على إيمانهم وصالح أعمالهم ، وأعطاهم ذلك عطاء تفضلا منه وإحسانا ، كافيا وافيا شاملا كثيرا ، حسبما وعدهم به من مضاعفة أجر الحسنات وتكفير السيئات.