(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) أي يدور عليهم للخدمة غلمان أو صبيان أو خدم لهم ، مخلّدون على صفة واحدة ، لا يهرمون ولا يتغيرون ، ولا يبعد أن يكونوا كالحور العين مخلوقين في الجنة ، للقيام بهذه الخدمة.
(بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ، لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ) أي يطوفون عليهم بأقداح مستديرة الأفواه لا آذان لها ولا عرى ولا خراطيم ، وأباريق ذات عرى وخراطيم ، وكؤوس مترعة من خمر الجنة الجارية من الينابيع والعيون ، ولا تعصر عصرا كخمر الدنيا ، فهي صافية نقية ، لا تتصدع رؤوسهم من شربها ، ولا يسكرون منها ، فتذهب عقولهم.
قال ابن عباس : في الخمر أربع خصال : السكر ، والصداع ، والقيء ، والبول ، فذكر الله تعالى خمر الجنة ، ونزهها عن هذه الخصال.
(وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ، وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) أي ويطوفون عليهم مما يختارونه من ثمار الفاكهة ، وأنواع لحوم الطيور التي يتمنونها وتشتهيها نفوسهم ، مما لذّ وطاب ، علما بأن لحم الطير أفضل من غيره من اللحوم وألذ. والحكمة في تقديم الفاكهة على اللحم : أنها ألطف ، وأسرع انحدارا ، وأيسر هضما ، وأصح طبا ، وأكثر تحريكا لشهوة الأكل وتهيئة النفس للطعام.
(وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) أي ولهم نساء حور بيض ، مع شدة سواد سواد العين ، وشدة بياض بياضها ، وواسعات الأعين حسانها ، مثل أنواع اللآلي والدرر المستورة التي لم تمسها الأيدي صفاء وبهجة ، وبياضا وحسن ألوان ، كما في آية أخرى : (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) [الصافات ٣٧ / ٤٩]. والكاف في قوله : (كَأَمْثالِ) للمبالغة في التشبيه.
(جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي يفعل بهم ذلك كله ، للجزاء على أعمالهم ، أو مجازاة لهم على ما أحسنوا من العمل.