وتصرعهم على رؤوسهم ، فتدق رقابهم. (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) أصول نخل مقتلع من مغارسه ، أو مؤخر الشيء ، وشبّهوا بالنخل لطولهم ، والمنقعر : المنقطع من أصله.
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) كرره للتهويل ، أو أنه ذكر مرتين في قصة عاد ، لأن الاستفهام الأول للبيان ، كما يقول المعلم لمن لا يعرف : كيف المسألة الفلانية؟ ليتنبه الطالب المسؤول للجواب الذي سيذكره المعلم ، والاستفهام الثاني للتوبيخ والتخويف. أما في قصة ثمود فاقتصر على الأول للاختصار ، وفي قصة نوح اقتصر على الثاني للاختصار أيضا ، ولعله ذكر الاستفهامين معا في قصة عاد لفرط عتوهم ، وقولهم : (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً؟) [فصلت ٤١ / ١٥].
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ، فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ؟) أي متعظ ، والمعنى كما تقدم : سهلناه للادّكار والاتعاظ بسبب المواعظ الشافية والبيانات الوافية ، وقيل : للحفظ. والأول أنسب بالمقام ، وإن روي أنه لم يكن شيء من كتب الله محفوظا على ظهر القلب سوى القرآن.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى تكذيب قوم نوح الذي بدأ به ، لأن تكذيبهم كان أبلغ وأشد ، حيث دعاهم قريبا من ألف سنة ، وأصروا على التكذيب ، أعقبه بقصة عاد قوم هود ، تأكيدا للعظة والعبرة ، وتبيانا للمشركين المكذبين في مكة وأمثالهم أن عاقبة المكذبين الهلاك والدمار ، دون تفاوت بين الأقوام. وإنما قال (عادٌ) ولم يقل (قوم هود) كما قال (قوم نوح) لأن التعريف بالاسم العلم أولى من التعريف بالإضافة إليه.
التفسير والبيان :
(كَذَّبَتْ عادٌ ، فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) أي كما صنع قوم نوح في تكذيبهم رسولهم ، كذبت قبيلة عاد قوم هود عليهالسلام رسولهم ، فانظروا واسمعوا أيها المخاطبون من قريش وغيرهم كيف كان عذابي لهم ، وإنذاري إياهم.
وقوله : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) لفت للأنظار ، وتنبيه للأسماع لما سيذكر.