ثم نبههم تعالى إلى ما يطرد اليأس والقنوط ، فقال :
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) أي ألم يعلموا ويشاهدوا أن الله يوسع الرزق لمن يشاء من عباده امتحانا ، بغض النظر عن وجود صفة الكفر ، ويضيق الرزق على من يشاء ابتلاء ، ولو مع وجود الإيمان وصالح الأعمال ، فالله هو المتصرف الفاعل للأمرين بحكمته وعدله ، يوسع على قوم ، ويضيق على آخرين ، دون نظر إلى صفتي الإيمان والكفر ؛ لأن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة ، والمؤمن : هو الراضي بقضاء الله وقدره ، ولا ييأس من رحمة الله ، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أي إن في ذلك المذكور من سعة الرزق وإقتاره لدلالة واضحة على الإيمان الصادق ، وحجة للمؤمن المصدق بوحدانية الله وقدرته تجعله يفوض الأمر إلى الله وحده.
فقه الحياة أو الأحكام :
تدل الآيات على ما يأتي :
١ ـ إن حال فريق من المشركين أو الكفار مدعاة للعجب ، فهم يتركون الإنابة إلى الله تعالى مع تتابع الحجج عليهم ، وتراهم لا يثبتون على وتيرة واحدة ، فإذا مسّهم ضرّ من مرض أو شدة ، دعوا ربهم ، أي استغاثوا به في كشف ما نزل بهم ، وأقبلوا عليه وحده دون الأصنام ، لعلمهم بأنه لا فرج عندها ، وإذا أنعم الله عليهم بنعمة أو عافية أشركوا به في العبادة.
٢ ـ إن مصير هؤلاء هو ملازمة الكفر ، وقد هددهم الله وأوعدهم على تمتعهم بمتاع الدنيا ، ثم يجدون جزاءهم العادل في عالم الآخرة.
٣ ـ لا حجة ولا برهان للكافرين على كفرهم ، فالله لم ينزل عليهم في شأن