(وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ ، وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ) أي ولن يجدوا لهم شفعاء من الأصنام التي كانوا يعبدونها من دون الله ، ينقذونهم من عذاب الله ، وكانوا بشركائهم وآلهتهم المزعومة جاحدين ، متبرئين منهم ، إذ خانوهم في أحوج ما كانوا إليهم ، كما قال تعالى : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ، وَرَأَوُا الْعَذابَ ، وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ ، وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً ، فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا) [البقرة ٢ / ١٦٦ ـ ١٦٧].
وهذا دليل على تبين إفلاسهم وإعلان خسرانهم.
ثم يتميز أهل المحشر إلى فريقين ، فقال تعالى :
(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) أي ويوم تقوم القيامة يتفرق الناس فرقة لا اجتماع بعدها ، كما قال تعالى : (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) [يس ٣٦ / ٥٩] فيؤخذ أهل الإيمان والسعادة إلى الجنان ، ويؤخذ أهل الكفر والشقاوة إلى النيران. قال قتادة : هي والله الفرقة التي لا اجتماع بعدها ، لهذا قال تعالى :
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) أي فأما المؤمنون المصدّقون بالله ورسوله واليوم الآخر ، والعاملون بما أمر الله به ، والمنتهون عما نهى الله عنه ، فهم يتنعمون ويسرّون سرورا يملأ القلب والنفس ويظهر البشاشة بما لاحظوا به من روضات الجنان ذات البهجة والخضرة والأنهار الجارية ، أي فهم في جنة يسرون بكل مسرة ، كما قال : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) [السجدة ٣٢ / ١٧] ، وقال صلىاللهعليهوسلم فيما رواه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة : «فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر».
(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ ، فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) أي وأما الكافرون الجاحدون بوجود الله ووحدانيته ، المكذبون رسله