مقتصد في الكفر ، منزجر بعض الانزجار ، متجه إلى توحيد الله ، ومنهم غدّار ناقض للعهد ، كافر بأنعم الله ، وما يكفر بآياتنا الكونية والقرآنية إلا كل كثير الغدر ، كفور بما أنعم الله عليه.
ونظير الآية : (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ، ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء ١٧ / ٦٧].
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يلي :
١ ـ لا يجد المشركون بدا عند سؤالهم عن خالق السموات والأرض من الإجابة بأنه هو الله تعالى ، فهم يعترفون بأن الله خالقهن ، فلم يعبدون غيره؟
! فالحمد لله على ما هدانا له من دينه ، وليس الحمد لغيره ، ولكن أكثر هؤلاء المشركين لا ينظرون ولا يتدبرون. هذا ما دلت عليه الآية الأولى ، ودلت الآية الثانية التي تلتها على أن جميع ما في السموات ، والأرض لله ملكا وخلقا ، وأن الله هو الغني عن خلقه وعن عبادتهم ، وإنما أمرهم بالعبادة لينفعهم ، والله هو المحمود في صنعه.
٢ ـ دلت الآية الأخيرة : (وَإِذا غَشِيَهُمْ) على اعتراف آخر من المشركين بوجود الله ووحدانيته ، فإنهم إذا تعرضوا لمخاطر الغرق بسبب اضطراب البحر ، وارتفاع الأمواج ، لم يجدوا بديلا غير الله للجوء إليه ، فيدعونه موحدين له ، لا يدعون لخلاصهم سواه ، فإذا ما نجوا من البحر ، ووصلوا إلى البر والأمان ، فمنهم مؤمن متمسك بالتوحيد والطاعة ، موفّ بما عاهد عليه الله في البحر ، ومنهم كافر ، وقد دل على المحذوف قوله تعالى : (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ) أي لا ينكر دلائل الآيات على توحيد الله إلا كل غدّار مغرق في الكفر ، جحود للنعم ، لا يشكرها ، بل يتناساها ولا يذكرها.