إلى تكرار الأمر وتوكيده ، وقال سبحانه : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ ، فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) [النازعات ٧٩ / ١٣ ـ ١٤] فمن لا نفاد لكلماته يقول للموتى : كونوا ، فيكونوا.
وقوله : (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) أي كما أن الله سميع لأقوال عباده ، بصير بأفعالهم ، كسمعه وبصره بالنسبة إلى نفس واحدة ، كذلك قدرته عليهم كقدرته على نفس واحدة.
وبعد بيان تسخيره تعالى ما في السموات وما في الأرض ، ذكر هنا بعض ما فيهما على وجه الخصوص ، بقوله : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) ثم ذكر بعض ما في السموات بقوله : (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) ثم أردفه ببعض ما في الأرض بقوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ).
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ ، وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) أي ألم تشاهد أن الله في شأن تعاقب الليل والنهار ، يزيد في زمن الليل على حساب النهار في الشتاء ، ويزيد في ساعات النهار على حساب الليل في الصيف ، فيأخذ من هذا ويضيفه إلى ذاك ، فيطول أحدهما ويقصر الآخر.
(وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ، وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أي ذلّل النيرين لمصالح خلقه ومنافعهم ، كل منهما يسير بسرعة إلى غاية محدودة ، أو إلى يوم القيامة ، وأن الله مطلع بدقة على جميع أعمالكم من خير وشر ، ويجازيكم عليها ، فهو الخالق العالم بجميع الأشياء.
ثم ذكر الله تعالى الهدف من بيان آياته فقال :
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ ، وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ ، وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) أي إنما يظهر الله لكم آياته ، ويبين عجائب قدرته وحكمته ، لتستدلوا بها على أنه الحق ، أي الموجود الثابت المستحق للعبادة ، وأن كل ما سواه