نزول الآية (٢٨):
(ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ) : نزلت الآية في أبيّ بن خلف وأبي بن الأسدين ، ومنبّه ونبيه ابني الحجاج بن السباق ، قالوا للنبي صلىاللهعليهوسلم : إن الله تعالى قد خلقنا أطوارا ، نطفة ثم علقة ثم مضغة ، ثم عظاما ، ثم تقول : إنا نبعث خلقا جديدا جميعا في ساعة واحدة! فأنزل الله تعالى : (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ).
المناسبة :
بعد إقامة الأدلة على وحدانية الله بخلق السموات بغير عمد ، وبإمداد خلقه بنعمه الظاهرة والباطنة ، أبان الله تعالى أن المشركين معترفون بوجود الله ، وأنهم يتضرعون إليه وحده وقت الشدة ، ثم يعودون إلى كفرهم بعد النجاة. ثم أثبت تعالى وحدانيته بملكه ما في السموات وما في الأرض ، ثم أقام الدليل على سعة علمه ، وشمول قدرته على كل شيء ، ومنه خلق الناس وبعثهم ، وتعاقب الليل والنهار ، وتسخير الشمس والقمر في دورة محددة ، وتسيير السفن في البحار بتيسيره وتهيئة أسبابه ، علما بأن المشركين يعترفون بتلك الآيات.
التفسير والبيان :
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) أي وتالله لئن سألت هؤلاء المشركين بالله من قومك : من الذي خلق السموات والأرض؟ لأجابوا : هو الله الخالق ، فهم معترفون بأن الله خالق السموات والأرض ، غير منكرين له ، لوضوح الأمر ، وعدم وجود البديل ، بحيث اضطروا إلى إعلان هذا الاعتراف بالله ، ومع هذا فهم يعبدون معه شركاء ، يعترفون أنها مخلوقة لله ، ومملوكة له.