الله ، بحيث اضطروا إلى الإقرار بوجوده. (قُلِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ) على ظهور الحجة عليهم بثبوت التوحيد ، وإلجائهم إلى الاعتراف بما يبطل اعتقادهم. (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) يجهلون إلزامهم بتلك الحجة. (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ملكا وخلقا وعبيدا ، فلا يستحق العبادة فيهما غيره. (هُوَ الْغَنِيُ) عن خلقه. (الْحَمِيدُ) المستحق للحمد ، المحمود في صنعه.
(وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) أي ولو صارت جميع الأشجار أقلاما. وإنما قال (شَجَرَةٍ) بالإفراد دون اسم الجنس الذي هو شجر ، ليشمل كل شجرة على حدة ، حتى لا يبقى من جنس الشجر ، ولا واحدة ، إلا قد بريت أقلاما. (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) أي والبحر المحيط يمده بسعته مدادا ، فاكتفى بذكر (يَمُدُّهُ) عن ذكر المداد ؛ لأنه من مدّ الدواة وأمدها. (ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) أي معلوماته ، بكتبها بتلك الأقلام بذلك المداد ولا بأكثر من ذلك ؛ لأن معلوماته تعالى غير متناهية. (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) لا يعجزه شيء. (حَكِيمٌ) لا يخرج شيء عن علمه وحكمته.
(ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) خلقا وبعثا ، أي كبعث نفس واحدة وخلقها ، إذ لا يشغله شأن عن شأن ، ولأنه يتم بكلمة (كُنْ فَيَكُونُ). (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) يسمع كل مسموع. (بَصِيرٌ) يبصر كل مبصر ، لا يشغله إدراك شيء عن شيء. (أَلَمْ تَرَ) تعلم أيها المخاطب. (يُولِجُ) يدخل الليل في زمن النهار وبالعكس ، أي يضيف أحدهما إلى الآخر ، فالله يزيد في كل من الليل والنهار بما نقص من الآخر. (كُلٌّ يَجْرِي) كل من الشمس والقمر النيرين يجري في فلكه. (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) معلوم مقدر ، إلى نهاية دورة الشمس السنوية ، ودورة القمر الشهرية ، أو إلى يوم القيامة. (بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) عالم بكنهه.
(ذلِكَ) المذكور من سعة العلم وشمول القدرة وعجائب الصنع. (بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) بسبب أنه الثابت في ذاته ، الواجب من جميع جهاته ، أو الثابت الألوهية. (وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ) أي وأن ما يعبدون من غيره هو المعدوم في حد ذاته الذي لا يوجد ، والزائل ، أو الباطل الألوهية. (وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) المترفع على خلقه وعلى كل شيء بالقهر ، والمتسلط عليه ، وهو العظيم.
(الْفُلْكَ) السفن. (تَجْرِي) تسرع. (بِنِعْمَتِ اللهِ) بإحسانه في تهيئة أسبابه وأنها تحمل الطعام والمتاع ونحوهما ، وهو استدلال آخر على باهر قدرته وكمال حكمته وشمول إنعامه.
(لِيُرِيَكُمْ) أيها المخاطبون بذلك. (مِنْ آياتِهِ) دلائله. (لَآياتٍ) علامات وعبرا. (لِكُلِّ صَبَّارٍ) كثير الصبر على المشاق وعن معاصي الله ، فيتعب نفسه في التفكر في الآفاق والأنفس. (شَكُورٍ) لنعمته ، يعرف النعم ، ويتعرف ما نحها ، فإن الإيمان نصفان : نصف صبر ، ونصف شكر.