والنوعية ، تارة تكون خفافا ، وتارة تصبح ثقالا مملوءة بالماء ، فإذا أنزل المطر على بعض العباد فرحوا بنزول المطر عليهم.
وكانوا قبل نزول المطر عليهم يائسين حزينين لاحتباس المطر عنهم ، وأكد تعالى وجود ظاهرة اليأس والاكتئاب قبل إنزال المطر ، ليدل على شدة حال الناس ، ثم تغيرها إلى حال البشر والفرح ، فكلمة (مِنْ قَبْلِهِ) للتأكيد عند أكثر النحويين ، كما في قوله تعالى : (فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها) [الحشر ٥٩ / ١٧]. وقال الرازي : والأولى أن يقال : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ) أي من قبل إرسال الرياح ، وذلك لأنه بعد الإرسال يعرف الخبير أن الريح فيها مطر أو ليس فيها مطر ، فقبل المطر إذا هبت الريح ، لا يكون مبلسا ، وإنما قد يكون راجيا غالبا على ظنه المطر برؤية السحب وهبوب الرياح ، فقال : (مِنْ قَبْلِهِ) أي من قبل ما ذكرنا من إرسال الرياح وبسط السحاب ، لبيان حال حدوث الإبلاس أي اليأس (١).
٤ ـ إن النتيجة الطبيعية لإنزال المطر هي الدلالة بذلك على أن من قدر عليه قادر على إحياء الموتى. وقوله تعالى : (إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) نوع من القياس يقال له : قياس الغائب على الشاهد ، أو استدلال بالشاهد على الغائب ، أي إثبات البعث بناء على ثبوت ظاهرة مشابهة هي إحياء النبات.
٥ ـ المشركون مضطربون قلقون في عقيدتهم ، فتراهم عند إقبال الخير فرحين به ، وعند ظهور السوء يائسين مكتئبين ، ومثال ذلك : أنهم إن أحرقت الريح زرعهم ، فاصفر ثم يبس ، كفروا وجحدوا وجود الخالق ، وتنكروا لمن أنعم عليهم
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٥ / ١٣٣ ، وكذلك قال أبو حيان في البحر المحيط (٧ / ١٧٩) : ما ذكره ابن عطية والزمخشري من فائدة التأكيد في قوله : مِنْ قَبْلِهِ غير ظاهر.