(وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً ، فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ) أي وتالله لئن بعثنا ريحا ضارة ، أو سامة ، حارة أو باردة على نبات أو زرع أو ثمر ، فرأوا ذلك الزرع قد اصفر ، ومال إلى الفساد بعد خضرته ، لظلوا من بعد ذلك الفرح والبشر ، يجحدون نعم الله التي أنعم بها عليهم.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ من دلائل كمال قدرة الله إرسال الرياح مبشرات بالمطر ؛ لأنها تتقدمه ، والغيث والخصب أثر من آثار رحمة الله ، ومن خواص الرياح أيضا عند هبوبها تسيير السفن في البحر ، وبالسفن ينتقل الركاب والتجار ، وتحمل البضائع من قطر إلى آخر ، فتكون وسيلة الرزق بالتجارة ، وكل ذلك من نعم الله وأفضاله التي تستوجب الشكر بالتوحيد والطاعة.
٢ ـ النبوة والرسالة من نعم الله أيضا التي تتطلب التصديق والتأييد ، ولكن استبداد الكافرين وعنادهم يدفعهم إلى التكذيب برسالات الرسل قديما وحديثا ، فقد أرسل الله رسلا كثيرين إلى مختلف الأمم والأقوام والشعوب ، مؤيدين بالمعجزات والحجج النيرات ، فكذبوهم وآذوهم وسخروا منهم ، وكفروا برسالاتهم ، فانتقم الله ممن كفر ، ونجّى المؤمنين ونصرهم على أعدائهم ، وسنة الله الثابتة أنه ينصر عباده المؤمنين ، وهذا خبر صدق ، والله لا يخلف الميعاد ، ولا خلف في خبره.
٣ ـ أخبر الله تعالى أيضا عن كيفية تكون السحاب ، وهو أن الله يرسل الرياح ، فتحرك الغيوم وتنقلها من مكان إلى آخر ، ثم ينشرها ويجمعها في الجو على وفق مشيئته وإرادته وحكمته ، ويجعلها قطعا متفاوتة الأحجام والأوزان