مع أصحابها أو بدونهم. وقيل : الكلام مستقل عما قبله لبيان حكم آخر ، مماثل له ، وهو أن الأكل كما يجوز منفردا ، يجوز مع الضيف.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى حكم دخول المماليك والصبيان إلى البيوت في غير العورات الثلاث دون استئذان ، ذكر هنا حكم تخلف أصحاب الأعذار عن الجهاد من غير استئذان ، وحكم الأكل من البيوت المذكورة في الآية من غير إذن صريح إذا علم رضا أصحابها.
التفسير والبيان :
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ ، وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ ، وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) أي ليس على هؤلاء الثلاثة إثم ولا ذنب في ترك الجهاد لضعفهم وعجزهم ، كما نقل عن عطاء الخراساني وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وكما قال تعالى في سورة براءة : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ، ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ، وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ : لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ، تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ) [٩١ ـ ٩٢].
وذكر الفخر الرازي أن الأكثرين قالوا : المراد منه أن القوم كانوا يحظرون الأكل مع هؤلاء الثلاثة وفي هذه المنازل ، فالله تعالى رفع ذلك الحظر وأزاله.
والظاهر لي أن الآية في أمر يتعلق بنظام الحياة في الأسرة ، كالآيات السابقة في الاستئذان وتخفيف العجائز من الألبسة الظاهرة ، وأنها تريد أن تجمع بين أفراد الأسرة الأصحاء وأصحاب الأعذار في تناول الطعام على مائدة واحدة ، وترفع الكلفة والمشقة في الأكل من البيوت الخاصة أو بيوت الأقارب والأصدقاء ،