وكرامتهم ، فأهل الإفك ليسوا من الأعداء الخارجين ، وإنما هم ـ في الظاهر ـ عصبة من المؤمنين.
٢ ـ ليس في الأشياء خير محض ولا شر محض ، وإنما ما غلب نفعه على ضرره فهو خير ، وما غلب ضرره على نفعه فهو شر ، فحقيقة الخير : ما زاد نفعه على ضره ، والشرّ : ما زاد ضره على نفعه ، وإن خيرا لا شرّ فيه هو الجنة ، وشرّا لا خير فيه هو جهنم. أما البلاء النازل على الأولياء فهو خير ؛ لأن ضرره من الألم قليل في الدنيا ، وخيره هو الثواب الكثير في الآخرة. لذا كان حديث الإفك خيرا على عائشة وأهلها آل أبي بكر ، وعلى صفوان بن المعطّل المتهم البريء ، فقال تعالى : (لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ ، بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) لرجحان النفع والخير على جانب الشر.
وكان صفوان هذا صاحب ساقة رسول الله صلىاللهعليهوسلم في غزواته لشجاعته ، وكان من خيار الصحابة رضوان الله عليهم. وقيل كما ذكر ابن إسحاق : كان حصورا لا يأتي النساء. وقال : والله ما كشفت كنف أنثى قط ، يريد بزنى. وقتل شهيدا في غزوة أرمينية سنة تسع وعشرين في زمان عمر. وقيل : ببلاد الروم سنة ثمان وخمسين في زمان معاوية.
٣ ـ للذين خاضوا في إثم الإفك جزاء وعقاب في الدنيا والآخرة ، وهم الذين أصروا على التهمة ، أما الذين تابوا وهم حسان ومسطح وحمنة ، فقد غفر الله لهم.
٤ ـ إن زعيم المنافقين عبد الله بن أبيّ هو الذي تولى كبر حديث الإفك ، واختلاق معظم القصة ، والترويج لها وإشاعتها بين المسلمين. وهل جلد هو وغيره؟ روى الترمذي ومحمد بن إسحاق وغيرهما أن النبي صلىاللهعليهوسلم جلد في الإفك رجلين وامرأة : مسطحا وحسانا وحمنة. وذكر القشيري عن ابن عباس قال : جلد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ابن أبيّ ثمانين جلدة ، وله في الآخرة عذاب النار.