وقيل : بل المراد به حسان بن ثابت ، قال ابن كثير : وهو قول غريب ، ولو لا أنه وقع في صحيح البخاري ما قد يدل على إيراد ذلك ، لما كان لإيراده كبير فائدة ، فإنه من الصحابة الذين لهم فضائل ومناقب ومآثر ، وأحسن مآثره أنه كان يذب عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بشعره ، وهو الذي قال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هاجهم وجبريل معك» (١).
ثم أدب الله تعالى المؤمنين الذين خاض بعضهم في ذلك الكلام السوء في قصة عائشةرضياللهعنها ، وزجرهم بتسعة أمور :
١ ـ (لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً ، وَقالُوا : هذا إِفْكٌ مُبِينٌ) أي هلا حين سمعتم كلام الأفاكين في عائشة ظننتم بها خيرا ، عملا بمقتضى الإيمان الذي يحمل على حسن الظن ، وقلتم صراحة معلنين البراءة : هذا إفك مبين ، أي كذب مختلق واضح مكشوف على أم المؤمنين رضياللهعنها ؛ فإن الذي وقع لم يكن ريبة ، لمجيئها راكبة على راحلة صفوان بن المعطّل في وقت الظهيرة ، والجيش بكماله يشاهدون ذلك ، ورسول اللهصلىاللهعليهوسلم معهم يكشف كل سوء وينفي كل شك ، ولو كان هذا الأمر فيه ريبة لم يكن هكذا جهرة ، بل كان يحدث ـ لو قدّر ـ خفية مستورا.
وهذا أدب جم ، وفي التصريح بلفظ الإيمان دلالة على أن المؤمن لا يظن بالمسلمين إلا خيرا.
٢ ـ (لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ ، فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ ، فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) أي هلا جاؤوا على ما قالوه بشهود أربعة يشهدون على ثبوت ما جاؤوا به ، وصحة ما قالوا ، ومعاينتهم ما رموها به ، فحين لم يأتوا بالشهود لإثبات التهمة ، فأولئك في حكم الله كاذبون فاجرون. وهذا من الزواجر.
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٣ / ٢٧٢