التفسير والبيان :
(فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) أي إذا نفخ في الصور النفخة الثانية وهي نفخة النشور ، وقام الناس من القبور ، فلا تنفعهم الأنساب والقرابات بالرغم من وجود التعاطف والتراحم ؛ لاستيلاء الدهشة والحيرة عليهم ، وانشغال كل إنسان بنفسه ، ولا يسأل القريب قريبه ، لاشتغاله بنفسه ، كما جاء في قوله تعالى : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس ٨٠ / ٣٤ ـ ٣٧] وقوله سبحانه : (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرُونَهُمْ) [المعارج ٧٠ / ١٠ ـ ١١] أي لا يسأل القريب قريبه ، وهو يبصره.
هذا عند النفخة ، أما بعد القرار في الجنة أو النار ، فيسأل أهل الجنة بعضهم عن بعض ، كما في قوله تعالى : (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) [الصافات ٣٧ / ٢٧].
وجاء في السنة ما أخرجه الإمام أحمد عن المسور بن مخرمة رضياللهعنه قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «فاطمة بضعة مني ، يغيظني ما يغيظها ، وينشطني ما ينشطها ، وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي وصهري». وأصل هذا الحديث في الصحيحين عن المسور بن مخرمة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «فاطمة بضعة مني ، يريبني ما يريبها ، ويؤذيني ما آذاها». وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول على هذا المنبر : «ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا تنفع قومه؟ بلى ، والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة ، وإني أيها الناس فرط (١) لكم إذا جئتم».
__________________
(١) أنا فرطكم : أي متقدمكم ، يقال : فارط وفرط : إذا تقدم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء.