ورجح الرازي أن الضمير عائد إلى الكفار الذين قالوا للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن لم تطرد من مجلسك هؤلاء الفقراء ، لم نؤمن بك ، فكأنه تعالى قال : إن هؤلاء الذين اقترحوا هذا الاقتراح الفاسد ، ما كانوا شركاء لي في تدبير العالم (١).
(وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) أي وما كنت متخذ الضالين المضلين أعوانا وأنصارا ، والخطاب للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمعنى : وما صح لك الاعتضاد بهم ، وما ينبغي لك أن تعتز بهم ، فإنهم إذا لم يكونوا عضدا لي في الخلق ، فما لكم تتخذونهم شركاء لي في العبادة؟
ثم يخبر الله تعالى عما يخاطب به المشركين يوم القيامة على رؤوس الأشهاد تقريعا لهم وتوبيخا ، فيقول :
(وَيَوْمَ يَقُولُ : نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ ، فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) أي واذكر لهم أيها الرسول ما يحدث وقت الاجتماع في يوم الجمع في القيامة ، حيث يقول الله للكافرين تأنيبا وتوبيخا : نادوا لنصرتكم من زعمتم أنهم شركائي ، لينقذوكم مما أنتم فيه ، فدعوهم ، فلم يجيبوهم بشيء ، ولم ينفعوهم في شيء ، كما قال تعالى : (وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ ، لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ ، وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) [الأنعام ٦ / ٩٤].
(وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) أي وجعلنا بين المشركين وآلهتهم المزعومة مكانا سحيقا ومهلكا ، أي موضعا للهلاك ، وهو نار جهنم أو واد في جهنم ، وقال ابن عباس : الموبق : الحاجز ، وقال ابن الأعرابي : كل شيء حاجز بين شيئين فهو موبق. والمعنى أن الله تعالى بيّن أنه لا سبيل لهؤلاء المشركين ، ولا وصول لهم إلى آلهتهم التي كانوا يزعمون في الدنيا ، وأنه يفرق بينهم وبينها في الآخرة ، بل بينهما مهلك وهول عظيم وأمر كبير.
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢١ / ١٣٨