سنة ما لم تحنث. والاستثناء بالمشيئة عند عامة الفقهاء لا أثر له في الأحكام ما لم يكن موصولا. وأوضح ابن جرير معنى قول ابن عباس : وهو أنه إذا نسي أن يقول في كلامه أو في حلفه : إن شاء الله ، وتذكر ولو بعد سنة ، فالسنة له أن يقول ذلك ، ليكون آتيا بسنة الاستثناء ، حتى ولو كان بعد الحنث. لا أن يكون رافعا لحنث اليمين ومسقطا للكفارة.
(وَقُلْ : عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً) أي وقل يا محمد : عسى أن يوفقني ربي لشيء آخر بدل المنسي أو أقرب خيرا ومنفعة ، فإذا سئلت عن شيء لا تعلمه ، فاسأل الله تعالى فيه ، وتوجه إليه في أن يوفقك للصواب والرشد في ذلك.
مدة لبثهم في الكهف :
أخبر الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن مقدار لبث أهل الكهف في كهفهم ، منذ أرقدهم إلى أن بعثهم الله ، فقال :
(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) أي إنهم أقاموا في الكهف مقدار ثلاث مائة سنة وتسع سنوات هلالية ، وهي ثلاث مائة سنة شمسية ، فإن تفاوت ما بين كل مائة سنة بالقمرية إلى الشمسية ثلاث سنين ، فلهذا قال بعد الثلاث مائة : (وَازْدَادُوا تِسْعاً). وأكد ذلك الإخبار بقوله :
(قُلِ : اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا ...) أي إذا سئلت عن مدة لبثهم ، وليس عندك علم في ذلك من الله تعالى ، فقل في مثل هذا : (اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا ، لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي لا يعلم ذلك إلا هو ، ومن أطلعه عليه من خلقه ، فلا تتعجل بالأخبار ما لم يكن عندك دليل عليها ، والحق ما أخبرك به ، لا ما يقولونه ؛ إذ له غيب السموات والأرض ، وهو العالم بكل شيء ، وأعلم من الذين اختلفوا في مقدار مدة لبثهم.