(وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ ، فَظَنُّوا) ـ والظن هنا بمعنى العلم واليقين ـ (أَنَّهُمْ مُواقِعُوها ، وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً) أي إذا عاين المشركون النار ، تحققوا لا محالة أنهم واقعون فيها ، ومخالطوها وداخلون فيها حتما لا محالة ، (وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً) أي معدلا ، والمعنى ليس لهم طريق ولا مكان يعدل بهم عنها ، ولا بدّ لهم منها ؛ لإحاطتها بهم من كل جانب. ذكر ابن جرير عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «إن الكافر ليرى جهنم ، فيظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة».
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ كرم الله تعالى أبانا آدم عليهالسلام والجنس البشري بأجمعه بأمره الملائكة أن تسجد له في بدء الخليقة سجود تحية وتكريم ، لا سجود عبادة وتقديس.
٢ ـ أذعن الملائكة كلهم جميعا لأمر السجود فسجدوا إلا إبليس الذي كان من عنصر الجن أبي السجود وفسق عن أمر ربه وخرج عن طاعة الله تعالى.
٣ ـ تضمن رفض إبليس السجود عداوته للإنسان ، لذا وبخ تعالى كل من اتخذ الشيطان وأتباعه أولياء : أعوانا ونصراء ؛ لأنهم أعداء ، والعدو لا ينصر من عاداه ولا يؤتمن على نصرته. وكذلك تضمن الرفض التكبر على آدم والترفع عليه ، لمّا ادعى أن أصله أشرف من أصل آدم ، إذ هو من نار ، وآدم من طين ، فوجب أن يكون هو أشرف من آدم ، فكأنه تعالى قال لأولئك الكافرين الذين افتخروا على فقراء المسلمين بشرف نسبهم وعلو منصبهم : إنكم في هذا القول اقتديتم بإبليس في تكبره على آدم. لكل ما ذكر بئس عبادة الشيطان بدلا عن عبادة الله ، أو بئس إبليس بدلا عن عبادة الله تعالى.