لكن آية (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) نقل عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة وغير واحد : أنها ناسخة للإرث بالحلف والإخاء اللذين كانوا يتوارثون بهما أولا. ويؤيدهم حديث صحيح متواتر : «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث».
فالإرث الذي كان بسبب النصرة والهجرة صار منسوخا ، فلا يحصل الإرث إلا بسبب القرابة ، وقوله : (فِي كِتابِ اللهِ) المراد منه السهام المذكورة في آيات المواريث في سورة النساء. وهذا ما ذهب إليه الشافعية ، فلا إرث لذوي الأرحام بالمعنى الضيق عند علماء الفرائض كالخال والخالة والعمة وأولاد البنات وأولاد الأخوات ونحوهم ، وليس لهم نصيب ، والعصبات أولى بعضهم ببعض ؛ لأن الفروض عينت. وقال الحنفية : يثبت الإرث لذوي الأرحام بنص هذه الآية ، وذلك إذا لم يوجد أحد من العصبات.
وأما من نفي كون آية (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) ناسخة لما تقدمها ، فإنه فسر المراد بالولاية بالنصرة والمحبة والتعظيم ، وتكون الآية الأولى لبيان أن رابطة الإسلام أقوى من رابطة النسب ، والثانية لبيان مكانتهم وأنهم المؤمنون حقا ، والثالثة لبيان أن المتأخرين في الإيمان والهجرة لهم حكم من تقدمهم ، وأن التناصر بالقرابة أيضا مطلوب.
ويكون المراد من آية أولي الأرحام أن ولاية الإرث إنما تحصل بسبب القرابة إلا ما خصه الدليل ، فيكون المقصود من هذا الكلام إزالة الوهم في أن الولاية محتملة للولاية بسبب الإرث ، قال الرازي : وهذا أولى ؛ لأن تكثير النسخ من غير ضرورة ولا حاجة لا يجوز (١).
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٥ / ٢١٣