رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يده فقال : «يا ربّ إنك إن تهلك هذه العصابة ، فلن تعبد في الأرض أبدا» فقال جبريل : «خذ قبضة من التراب» فأخذ قبضة من التراب ، فرمى بها وجوههم ؛ فما من المشركين من أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه. فولوا مدبرين ، وأقبل جبريل عليهالسلام إلى إبليس ، فلما رآه كانت يده في يد رجل من المشركين ـ قيل : كانت يده في يد الحارث بن هشام ـ ، انتزع إبليس يده ، ثم ولى مدبرا وشيعته ؛ فقال له الرجل : يا سراقة ، ألم تزعم أنك لنا جار؟ قال : (إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ ، إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ).
وفي موطأ مالك عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «ما رأى الشيطان نفسه يوما هو فيه أصغر ولا أحقر ولا أدحر ولا أغيظ منه في يوم عرفة ، وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة ، وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رأى يوم بدر. قيل : وما رأى يوم بدر يا رسول الله؟ قال : أما إنه رأى جبريل يزع (١) الملائكة».
نزول الآية (٤٩):
(إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ) : روي عن مجاهد أنه قال : هم فئة من قريش : قيس بن الوليد بن المغيرة ، والحارث بن زمعة بن الأسود بن المطّلب ، ويعلى بن أمية ، والعاص بن منبّه ، خرجوا مع قريش من مكة ، وهم على الارتياب ، فحبسهم ارتيابهم ، فلما رأوا قلة أصحاب رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم قالوا : غرّ هؤلاء دينهم ، حتى أقدموا على ما أقدموا عليه ، مع قلة عددهم ، وكثرة عدد قريش.
المناسبة :
ما تزال الآيات تعرض مواقف وعبرا من مشاهد يوم بدر ، وهنا تذكر
__________________
(١) يزع الملائكة : أي يرتبهم ويسوّيهم ويصفهم للحرب.