أي دفعا للحق ، وإظهار الفخر والاستعلاء بنعمة القوة أو الغنى أو الزعامة ، ومن أجل مراءاة الناس ، أي المفاخرة والتكبر عليهم ، وعمل ما يحبون أن يراهم الناس عليه ليعجبوا منه ، كما قال أبو جهل لما قيل له : إن العير قد نجت فارجعوا ، فقال : لا والله ، لا نرجع حتى نرد ماء بدر ، وننحر الجزر ، ونشرب الخمر ، وتعزف علينا القيان ، وتتحدث العرب بمكاننا فيها يومنا أبدا.
فامتثلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه ، واحذروا التشبه بأعدائكم المشركين بطرين مترفعين بالنعمة ، مرائين الناس ، فتبدل الحال كله عليهم ، فتجرعوا كأس المنون ، وانقلبوا أذلة صاغرين ، في عذاب سرمدي أبدي.
وأرادوا بخروجهم المنع عن سبيل الله ، أي حجب الناس عن الإسلام والحيلولة بينهم وبين تبليغ الدعوة الإلهية.
وهذه الأفعال التي لا تصدر عادة إلا من أناس امتلأت قلوبهم بالكفر ، والجهل ، والحقد ، هي كلها عوامل دمار وهدم وفناء. لذا تضمنت الآية الزجر والتهديد بخصال الكفار وهي الرياء والبطر والكبر ودفع الحق ومعاداته.
والله بما يعملون محيط ، أي عالم بما جاؤوا به ولأجله ، فيجازيهم عليه شر الجزاء في الدنيا والآخرة ، بمقتضى سنته في ترتيب الجزاء على الأعمال.
وفي هذا حض على إخلاص النية والعمل ، والترغيب في نصرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومؤازرة الدين الذي جاء به من عند الله تعالى.
فقه الحياة أو الأحكام :
تأمر الآيات بقواعد حربية هي عمد ثوابت في نظام الحروب بنحو دائم ، ولا يمكن لجيش قديم أو حديث أن يتخلى عن هذه النصائح التي تكون سببا في إحراز النصر والتقدم والغلبة.