والأدب الخامس :
الصبر على الشدائد والمحن ، وتحمل بأس العدو ، فإن الصبر سلاح القوي المقدام ، لذا قيل : الشجاعة : صبر ساعة ، والله مع الصابرين يمدهم بالعون والتأييد والنصر.
والخلاصة : تتضمن الآداب السابقة قواعد حربية ثابتة أساسها الإخلاص في القتال في سبيل الله وكثرة ذكر الله لربط الجيش بربه.
قال ابن كثير : وقد كان للصحابة رضياللهعنهم في باب الشجاعة ، والائتمار بما أمرهم الله ورسوله به ، وامتثال ما أرشدهم إليه ، ما لم يكن لأحد من الأمم والقرون قبلهم ، ولا يكون لأحد ممن بعدهم ، فإنهم ببركة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وطاعته فيما أمرهم ، فتحوا القلوب والأقاليم شرقا وغربا في المدة اليسيرة ، مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم من الروم والفرس ، والترك ، والصقالبة والبربر ، والحبوش ، وأصناف السودان ، والقبط وطوائف بني آدم. قهروا الجميع حتى علت كلمة الله ، وظهر دينه على سائر الأديان ، وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها في أقل من ثلاثين سنة ، فرضياللهعنهم وأرضاهم أجمعين ، وحشرنا في زمرتهم ، إنه كريم وهاب(١).
وكما جرت عادة القرآن في الجمع بين الأمر والنهي والتحذير ، أعقب الله تعالى الأمر بالآداب أو القواعد الحربية السابقة ومنها النهي عن التنازع ، بتحذير المؤمنين من التشبه بصنيع المشركين أهل مكة ، فقال : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا ...).
أي لا تتشبهوا بالمشركين أهل مكة حين خرجوا من ديارهم لحماية العير بطرا
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٢ / ٣١٦