فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ، وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران ٣ / ٧٥].
ثم ذكر الله تعالى نوعا آخر من قبائح رؤساء الدين اليهودي والنصراني ، وهو صدهم عن سبيل الله ، أي وهم مع أكلهم الحرام يصدون الناس ويمنعونهم عن اتباع الحق ، إما بتكذيب رسالة الإسلام ، أو التشكيك في مبادئها وأحكامها في العبادة والعقيدة والمعاملة ، أو الطعن في النبي المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم أو في القرآن الكريم.
وبه يتبين أن ما يحرص عليه الناس في الدنيا وهو المال والجاه ، شغف به الأحبار والرهبان ، فأخذوا المال بالباطل ، ومنعوا الناس من معرفة الله معرفة صحيحة ، وعبادته عبادة قويمة ، وأمعنوا في المنع من متابعة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حفاظا على مراكزهم الأدبية ومكاسبهم المادية.
ثم وصفهم الله بصفة أخرى هي البخل الشديد ومنع أداء حقوق الله في أموالهم ، فقال : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ ...) أي والذين يجمعون المال ويدخرونه في بيوتهم ولا يخرجون منه الحقوق الواجبة شرعا كالزكاة ، ولا ينفقون منه في سبيل الله ، فيستحقون العذاب الشديد المؤلم في نار جهنم. وهذا الوعيد كما هو موجه للأحبار يشمل المسلمين أيضا ، فكان المراد به الكل. كما وأن المراد بالنفقة : الواجب ؛ لقوله تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) ولا يتوجه العذاب إلا على تارك الواجب.
ولا يكون الكنز حراما إلا إذا لم تؤد زكاته ، فإن أديت الزكاة فلا يحرم. قال مالك عن ابن عمر رضياللهعنه في الكنز : هو المال الذي لا تؤدى زكاته. وروى الثوري والشافعي وغيرهما عن ابن عمر قال : ما أدّي زكاته ، فليس بكنز ، وإن تحت سبع أرضين ؛ وما كان ظاهرا لا تؤدى زكاته فهو كنز. وهذا مروي أيضا عن عمر وابن عباس وجابر وأبي هريرة موقوفا ومرفوعا. أخرج ابن عدي