نزول الآية : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ...) :
روى البخاري عن زيد بن وهب قال : مررت بالرّبذة (موضع قريب من المدينة) فإذا أنا بأبي ذرّ ، فقلت له : ما أنزلك منزلك هذا؟ قال : كنت بالشام ، فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ، وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) فقال معاوية : نزلت في أهل الكتاب ، فقلت : نزلت فينا وفيهم ، وكان بيني وبينه كلام في ذلك ، وكتب إلى عثمان يشكو مني ، وكتب إليّ عثمان أن : أقدم المدينة ، فقدمتها ، وكثر الناس علي حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك ، فذكرت ذلك لعثمان ، فقال : إن شئت تنحيت وكنت قريبا ، فذلك الذي أنزلني هذا المنزل ، ولو أمّروا علي حبشيا لسمعت وأطعت.
والمفسرون أيضا مختلفون ، فعند بعضهم أنها في أهل الكتاب خاصة. وقال السدّي : هي في أهل القبلة. وقال الضحاك : هي عامة في أهل الكتاب والمسلمين (١) ، وهو الأصح.
المناسبة :
بعد أن وصف الله تعالى رؤساء اليهود والنصارى بالتكبر والتجبر وادعاء الربوبية ، لادعائهم حق التشريع للناس ، وصفهم في هذه الآية بالطمع والحرص على أخذ أموال الناس تحقيرا لشأنهم ، فهم ذوو أطماع وحرص شديد على أخذ أموال الناس بالباطل ، وما قاوموا الإسلام إلا خوفا من ضياع مصالحهم المادية ، فهم يتخذون الدين مطية لنيل الدنيا.
ووصفهم تعالى أيضا بالبخل الشديد ، وحب كنز المال في صناديقهم ، والامتناع عن أداء الواجبات في أموالهم.
__________________
(١) أسباب النزول ، المرجع السابق.