تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) أريد الرسول لتأكيد الاهتمام بسنته. وقيل : الضمير في «ينفقونها» يعود على الكنوز لدلالة يكنزون عليها ، وقيل : يعود على الأموال ؛ لأن الذهب والفضة أموال. والخلاصة : أن الضمير يعود إلى الفضة ؛ لأنه قصد الأغلب والأعم.
(يَوْمَ يُحْمى يَوْمَ) : منصوب من ثلاثة أوجه : إما بفعل مقدر تقديره : اذكر يوم يحمى ، أو بفعل يقال : أي يقال لهم : هذا في يوم يحمى ، أو يكون بدلا من (بِعَذابٍ أَلِيمٍ) أي عذاب يوم يحمى ، فحذف المضاف ، فانتصب على الموضع ، لا على اللفظ ، كما انتصب قوله تعالى : (دِيناً قِيَماً) بالبدل على موضع (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
البلاغة :
(لَيَأْكُلُونَ) عبر تعالى عن أخذ الأموال بالأكل على سبيل الاستعارة ؛ لأن المقصود الأعظم من جمع الأموال هو الأكل ، فسمي الشيء باسم ما هو أعظم مقاصده.
المفردات اللغوية :
(الْأَحْبارِ) علماء اليهود. (وَالرُّهْبانِ) عبّاد النصارى ، والقسيسون علماؤهم. (لَيَأْكُلُونَ) المراد التصرف فيها بكل أوجه الانتفاع ، وعبر عن ذلك بالأكل ، والمراد به الأخذ والانتفاع ؛ لأنه أهم حالات الانتفاع. (بِالْباطِلِ) بغير حق كالرشاوى في الحكم. (وَيَصُدُّونَ) يمنعون. (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) دينه وطريق معرفته الصحيحة وعبادته القويمة. (وَلا يُنْفِقُونَها) الكنوز ، والكنز : خزن الأموال في الصناديق دون إعطاء حق الله فيها. (فِي سَبِيلِ اللهِ) أي لا يؤدون منها حق الزكاة. (فَبَشِّرْهُمْ) أخبرهم. (بِعَذابٍ أَلِيمٍ) مؤلم ، وهو تهكم بهم ؛ لأن البشارة تكون في الخير لا في الشر. (فَتُكْوى) تحرق. (فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) أي نالوا جزاءه.
سبب النزول :
نزول الآية (٣٤):
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً ...) : قال الواحدي : نزلت في العلماء والقرّاء من أهل الكتاب كانوا يأخذون الرشا من سفلتهم ، وهي المأكل الذي كانوا يصيبونه من عوامهم(١).
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي : ص ١٤٠.