فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآية ما يأتي :
١ ـ مشروعيّة الأمان ، أي جواز تأمين الحربي إذا طلبه من المسلمين ، ليسمع ما يدلّ على صحّة الإسلام ، وفي هذا سماحة وتكريم في معاملة الكفار ، ودليل على إيثار السّلم.
٢ ـ يجب علينا تعليم كلّ من التمس منّا تعلّم شيء من أحكام الدّين.
٣ ـ يجب على الإمام حماية الحربي المستجير ، وصون دمه وماله ونفسه من الأذى ، ومنع التّعرّض له بأي شيء من ألوان الإيذاء.
٤ ـ يجب على الإمام تبليغه مأمنه ، أي وطنه وبلاده بعد قضاء حاجته ، فلا يجوز تمكينه من الإقامة في دار الإسلام إلا بمقدار قضاء حاجته ، عملا بالآية : (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ)(١) ، قال العلماء : لا يجوز أن يمكّن من الإقامة في دار الإسلام سنة ، ويجوز أن يمكّن من إقامة أربعة أشهر (٢). ونصّ الحنفيّة على أنه يجب على الإمام أن يأمره بالخروج متى انتهت حاجته ، وأن يعلمه بأنه إن أقام بعد الأمر بالخروج سنة في دار الإسلام ، صار ذميّا مواطنا ، وتفرض عليه الجزية (٣).
٥ ـ دلّ قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) على أن التّقليد في الدّين غير مقبول ، وأنه لا بدّ من تكوين الاعتقاد والإيمان بالنّظر والاستدلال ، بدليل إمهال الكفار وتأمينه وتبليغه مأمنه لسماع أدلّة الإيمان ، فلا بدّ من الحجّة والبرهان.
__________________
(١) أحكام القرآن للجصاص : ٣ / ٨٤
(٢) تفسير ابن كثير : ٢ / ٣٣٧
(٣) الجصاص ، المرجع السابق.