الرجال المسلمين ، فقوله (مِنْكُمْ) أي من المؤمنين وقوله : (إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) أي اقترب منه وظهرت أمارات الموت ، أو يشهد للضرورة اثنين آخرين من غير المؤمنين في حال السفر ، وذلك يدل على تأكيد الوصية والإشهاد عليها.
وهناك في الكلام حذف تقديره : إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت ، فأوصيتم إلى اثنين عدلين في ظنكم ، ودفعتم إليهما ما معكم من المال ، ثم متم وذهبا إلى ورثتكم بالتركة ، فارتابوا في أمرهما ، وادعوا عليهما خيانة ، فالحكم أن تحبسوهما بعد الصلاة.
ووقت الشهادة : بعد صلاة العصر ؛ لأنها كانت معهودة للتحليف عندها وكان ذلك وقت القضاء وفصل الدعاوي ، وكونها عقب الصلاة للتغليظ والتهويل ؛ لقوله تعالى : (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) أي تقفونهما وتستوثقون منهما وتقدمونهما للحلف بعد العصر ، كما فعل النّبي صلىاللهعليهوسلم مع تميم وأخيه. وروي عن ابن عباس أن الشاهدين إذا كانا غير مسلمين ، فالمراد بالصلاة : صلاة أهل دينهما. ورجح الطبري أنها صلاة بعينها من صلوات المسلمين ؛ لأن الله تعالى عرّف هذه الصلاة بالألف واللام ، ولا يكون ذلك عند العرب إلا في معروف إما في جنسه أو عينه ، وأما اليهود والنصارى فلهم صلوات عديدة غير واحدة ، فيكون معلوما أنها المعنية بذلك في عرف القضاء والناس.
وإن شككتم في صدق الشاهدين وإقرارهما فيحلفان بقولهما : لا نشتري بيمين الله عوضا نأخذه من الدنيا بأن نحلف به كذبا ، والمراد بالثمن عند الأكثرين : المثمون وضمير (مُصِيبَةُ) يعود إلى القسم المفهوم من (فَيُقْسِمانِ) والمعنى : لا نستبدل بصدق القسم بالله وصحته عرضا من الدنيا ، ولو كان المقسم له أو المشهود له من أقاربنا ، أي لا نحلف بالله كاذبين لأجل المال ، ولو كان من نقسم له قريبا منا ، على معنى أن هذه عادتهم في صدقهم وأمانتهم أبدا ، وأنهم داخلون