وأخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة أن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ذروني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه».
فقه الحياة أو الأحكام :
الآية تنهى وتحرم كل أنواع الأسئلة (١) ما عدا السؤال عما ينفعهم أو يحتاجون إليه أو عن توضيح المجمل في القرآن أثناء تنزل الوحي ، وقد نزلت جوابا عن جميع الأسئلة التي سئل عنها النّبي صلىاللهعليهوسلم : إما امتحانا له ، وإما استهزاء.
وقد التزم الصحابة بعدئذ هذا الأدب فامتنعوا عن السؤال ، واقتصروا على ما يبلغهم إياه النّبي صلىاللهعليهوسلم ، قال ابن عباس : ما رأيت قوما كانوا خيرا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة حتى قبض ، كلهن في القرآن ، منهن : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ) [البقرة ٢ / ٢١٧] (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) [البقرة ٢ / ٢٢٢] وشبهه ، ما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم.
أما الأسئلة الشرعية اليوم فجائزة للعلم والبيان ، قال ابن عبد البر : السؤال اليوم لا يخاف منه أن ينزل تحريم ولا تحليل من أجله ، فمن سأل مستفهما راغبا في العلم ، ونفى الجهل عن نفسه ، باحثا عن معنى يجب الوقوف في الديانة عليه ، فلا بأس به ، فشفاء العيّ السؤال ؛ ومن سأل متعنتا غير متفقة ولا متعلم ، فهو الذي لا يحلّ قليل سؤاله ولا كثيره (٢)
__________________
(١) وهي السؤال عما لا ينفع في الدين مثل : من أبي؟ والسؤال الزائد عن الحاجة كالسؤال عن الحج : أكل عام؟ والسؤال عن صعاب المسائل كما جاء في النهي عن الأغلوطات ، والسؤال عن علة الحكم في التعبدات كالسؤال عن قضاء الحائض الصوم دون الصلاة ، وسؤال التكلف والتشدد في الدين كسؤال بني إسرائيل عن أحوال البقرة ، وسؤال التعنت والإفحام ، والسؤال عن المتشابهات مثل السؤال عن استواء الله.
(٢) تفسير القرطبي : ٦ / ٣٢٣