الإحرام وفي الحرم ، وكان الصيد أحد معايش العرب العاربة ، وشائعا عند الجميع منهم ، ومصدر رزق ومتعة وتسلية ، وذلك كما اختبر بني إسرائيل في ألا يعتدوا في السبت ، فاحتالوا يوم الجمعة على صيد السمك بإقامة حواجز أمام حركة الجزر البحري بعد المد الحامل للسمك ، ثم أخذوا ما حجز يوم الأحد ، أما المؤمنون فقد امتثلوا المنع والحظر.
٢ ـ الصحيح أن الخطاب في الآية لجميع الناس محلّهم ومحرمهم ، لقوله تعالى : (لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ) أي ليكلفنكم ، والتكليف كله ابتلاء ، وإن تفاضل في الكثرة والقلة ، وتباين في الضعف والشدة.
٣ ـ احتج أبو حنيفة بهذه الآية على أن الصيد للآخذ لا لمن أثاره (المثير) لأن المثير لم تنل يده ولا رمحه بعد شيئا.
٤ ـ كره مالك صيد أهل الكتاب ولم يحرمه ، لقوله تعالى : (تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ) يعني أهل الإيمان ، لأن صدر الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فخرج عنهم أهل الكتاب. وخالفه الجمهور ، لقوله تعالى : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) والصيد عندهم مثل ذبائحهم. وأجاب المالكية بأن الآية تضمنت أكل طعامهم ، والصيد نوع أخر ، فلا يدخل في عموم الطعام ، ولا يتناوله مطلق لفظه. لكن هذا الجواب ضعيف ، لأن الصيد كان مشروعا عند أهل الكتاب ، فيجوز لنا أكله ، لتناول اللفظ له ، فإنه من طعامهم كما ذكر القرطبي.
٥ ـ هل يجوز للمحرم ذبح الصيد؟ قال مالك وأبو حنيفة : لا يجوز ذبح المحرم للصيد ، لنهي الله سبحانه المحرم عن قتله : (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ) فصار المحرم ليس أهلا لذبح الصيد. وقال الشافعي : ذبح المحرم للصيد جائز ، لأنه ذبح صدر من أهله وهو المسلم ، مضاف إلى محله وهو الأنعام ، فأفاد مقصوده من حلّ الأكل ، كذبح الحلال.