ما لم تصيدوه ، أو يصد لكم». وتوسع الحنفية فأجازوا أكل الصيد للمحرم على كل حال إذا اصطاده الحلال ، سواء صيد من أجله أو لم يصد من أجله ، عملا بظاهر الآية ، وبما رواه محمد عن أبي حنيفة عن ابن المنكدر عن طلحة بن عبيد الله : «تذاكرنا لحم الصيد يأكله المحرم ، والنّبي صلىاللهعليهوسلم نائم ، فارتفعت أصواتنا ، فاستيقظ رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : فيم تتنازعون ، فقلنا : في لحم الصيد يأكله المحرم ، فأمرنا بأكله» وروى مسلم من حديث أبي قتادة قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم حاجا ، وخرجنا معه ، فصرف نفرا من أصحابه فيهم أبو قتادة فقال : خذوا ساحل البحر حتى تلقوني ، قال : فأخذوا ساحل البحر ، فلما انصرفوا قيل : يا رسول الله ، أحرموا كلهم إلا أبا قتادة ، فإنه لم يحرم ، فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش ، فحمل عليها أبو قتادة ، فأصاب منها أتانا ، فنزلوا فأكلوا من لحمها ، قال : فقالوا : أكلنا لحما ونحن محرمون؟» إلخ القصة ، وفيها : «أنهم استفتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : هل معكم أحد أمره أو أشار عليه بشيء ، قال : لا ، قال : فكلوا».
ثم ختم الله تعالى بيان حكم الصيد حال الإحرام بالأمر بالتقوى ، كما هو الشأن الغالب في تبيان الأحكام ، فقال : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) أي اتقوا فيما نهاكم عنه من الصيد ومن جميع المعاصي كالخمر والميسر ، واخشوه واحذروه بطاعته فيما أمركم به من الفرائض ، فإنكم ستعرضون عليه يوم الحشر ، ومصيركم ومرجعكم إليه ، فيحاسبكم حسابا عسيرا ، يعاقب العاصي ، ويثيب الطائع. وهذا تشديد وتنبيه عقب هذا التحليل والتحريم ، والتذكير بأمر الحشر والقيامة مبالغة في التحذير.
فقه الحياة أو الأحكام :
١ ـ الدنيا كلها دار ابتلاء واختبار ، وقد اختبر الله تعالى المؤمنين ليمتحن مدى صلابتهم في التمسك بأحكام دينهم وأصول شرعهم ، اختبرهم بالصيد مع