الشريعة ؛ فإن النصوص فيها قليلة ؛ فأي نص يوجد على تنجيس البول والعذرة والدم والميتة وغير ذلك؟ وإنما هي الظواهر والعمومات والأقيسة (١).
٥ ـ دل قوله : (فَاجْتَنِبُوهُ) على الاجتناب المطلق الذي لا ينتفع معه بشيء بوجه من الوجوه ، لا بشرب ولا بيع ولا تخليل ولا مداواة ولا غير ذلك. بدليل الأحاديث الواردة ، منها ما رواه مسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الذي حرم شربها حرّم بيعها».
ومنها ما رواه أحمد ومسلم وأبو داود عن النّبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : في التداوي بالخمر : «إنه ليس بدواء ولكنه داء» ردا على طارق بن سويد الجعفي الذي قال : «إنما أصنعها للدواء». وهذا رأي الأطباء.
لكن أجاز الحنفية التداوي بالخمر والنجاسات والسموم إذا تعينت ، وعلم يقينا أن فيها شفاء للضرورة لقوله تعالى : (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) [الأنعام ٦ / ١١٩].
والحقيقة أنه ما أكثر الأدوية وشركات الدواء ومصانعه في عالم اليوم ، فإنهم صنعوا لأكثر الأمراض علاجا ، فلم يعد الشخص بحاجة أو ضرورة للتداوي بالخمر وغيرها مما حرم الله الانتفاع به وجعله نجسا ، روى البخاري وغيره عن ابن مسعود أن النّبيصلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم».
ولا يجوز لمسلم تملك الخمر ولا تمليكها من أحد ؛ لأن الشرع نهى عن الانتفاع بها ، وأمر باجتنابها.
٦ ـ أجمع المسلمون على تحريم بيع الخمر والدم ، وفي ذلك دليل على تحريم بيع
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٧ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩