أبي الميسرة قال : قال عمر : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت الآية التي في البقرة : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ : فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) [البقرة ٢ / ٢١٩] فدعي عمر فقرئت عليه ، فقال : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت الآية التي في النساء : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) [النساء ٤ / ٤٣] وكان منادي النبي صلىاللهعليهوسلم ينادي إذا حضرت الصلاة : لا يقربن الصلاة السكران ، فدعي عمر فقرئت عليه ، فقال : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت الآية التي في المائدة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ) إلى قوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) فقال عمر : انتهينا انتهينا. وفي رواية ابن المنذر عن سعيد بن جبير أن عمر قال: أقرنت بالميسر والأنصاب والأزلام؟ بعدا لك وسحقا ، فتركها الناس.
التفسير والبيان :
نهى الله تعالى المؤمنين عن تعاطي الخمر والميسر ، فقال : يا أيها المؤمنون ، إن الخمر وكل شراب مسكر ، والقمار بمختلف أنواعه ، والأصنام التي تذبح القرابين عندها ، والأزلام قداح الاستقسام تفاؤلا وشؤما : قذر سخطه الله وكرهه ، وهو من عمل الشيطان أي تحسينه وتزيينه ، فاتركوا هذا الرجس ، رجاء أن تفوزوا وتفلحوا بتزكية أنفسكم ، وسلامة أبدانكم ، والتوادّ فيما بينكم.
والخمر : النّيء من ماء العنب إذا غلى واشتد وقذف بالزبد ، وهي تطلق في رأي الجمهور على كل شراب مسكر خامر العقل وغطاه ، ويرى الحنفية : أن الخمر حرمت ، ولم يكن العرب يعرفون الخمر في غير المأخوذ من ماء العنب ، فالخمر عندهم اسم لهذا النوع فقط ، وما وجد فيه مخامرة العقل من غير هذا النوع لا يسمى خمرا ؛ لأن اللغة في رأيهم لا تثبت من طريق القياس ، والحرمة عندهم