وكانوا يشربون الخمر ، حتى كان يوم من الأيام ، أمّ رجل من المهاجرين أصحابه في المغرب ، فخلط في قراءته ، فأنزل الله آية أشد منها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) [النساء ٤ / ٤٣].
ثم نزلت آية أشد في ذلك : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) إلى قوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ). قالوا : انتهينا ربنا ، فقال الناس : يا رسول الله ، ناس قتلوا في سبيل الله وماتوا على فراشهم ، وكانوا يشربون الخمر ، ويأكلون الميسر ، وقد جعله الله رجسا من عمل الشيطان ، فأنزل الله :
(لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) إلى آخر الآية.
وروى النسائي والبيهقي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار شربوا ، فلما أن ثمل القوم عبث بعضهم ببعض ، فلما صحوا جعل الرجل يرى الأثر في وجهه ورأسه ولحيته ، فيقول : صنع في هذا أخي فلان ، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن ، فيقول : والله لو كان أخي بي رؤفا رحيما ما صنع بي هذا ، حتى وقعت الضغائن في قلوبهم ، فأنزل الله هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) الآية.
فقال ناس من المتكلفين : هي رجس ، وهي في بطن فلان ، وقد قتل يوم أحد ، فأنزل الله : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الآية.
وروى ابن جرير عن جماعة قالوا : نزلت هذه الآية (آية تحريم الخمر) بسبب سعد بن أبي وقاص ، وذلك أنه كان لاحى رجلا على شراب لهما ، فضربه صاحبه بلحي جمل ، ففزر أنفه أو جرحه ، فنزلت فيهما.