تعالى : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر ٤٠ / ٦٠] وقال : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) ـ أي دعائي ـ (سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) [غافر ٤٠ / ٦٠] وهذا وعيد شديد.
وأما وجود العناد من الكفار فدل عليه قوله تعالى : (وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ) أي صلبت وغلظت ، وهي عبارة عن الكفر والإصرار على المعصية. وهم في ذلك متأثرون بالشيطان : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي أغواهم بالمعاصي وحملهم عليها.
والإنعام على عبد ليس دليل الرضا عليه ، وإنما إذا وجدت النعمة مع البقاء على المعصية ، كان ذلك استدراجا من الله تعالى ، كما قال : (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) [القلم ٦٨ / ٤٥]. قال بعض العلماء : رحم الله عبدا تدبر هذه الآية : (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً). وقال محمد بن النضر الحارثي : أمهل هؤلاء القوم عشرين سنة. وقال الحسن البصري : والله ما أحد من الناس بسط الله له في الدنيا ، فلم يخف أن يكون قد مكر له فيها إلا كان قد نقص عمله ، وعجز رأيه ، وما أمسكها الله عن عبد فلم يظن أنه خير له فيها ، إلا كان قد نقص عمله ، وعجز رأيه».
وإن تدمير الأقوام وإهلاك الأمم مأساة في عرفنا ، ولكن في تقدير الله عبرة وعظة حتى لا يستشري الفساد. وتضمنت آية (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ ...) على وجوب ترك الظلم ؛ لما يؤدي إليه من العذاب الدائم ، وتضمنت أيضا وجوب حمد الله تعالى الذي يعاقب الظلمة ، حتى لا يدوم الفساد ، وينضب عنصر الخير.