(وَقالُوا) أي كفار مكة (لَوْ لا) هلا وهي تفيد الحث على حصول ما بعدها (آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) الآية : المعجزة المخالفة لسنن الله في خلقه كناقة صالح ، وعصا موسى ، ومائدة عيسى (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أن نزولها بلاء عليهم ؛ لأنهم سيهلكون إن جحدوها.
المناسبة :
نزلت هذه الآية بعد وقعة حمراء الأسد بعد وقعة أحد ، ولمّا بيّن الله تعالى في الآيات السابقة أن الناس صنفان متفاوتان في الاستعداد لقبول الهداية الإلهية : صنف يختار الهدى على الضلال ، وصنف بالعكس ، بيّن هنا أن الصنف الأول : هم الذين يسمعون الدلائل والبينات سماع تدبر وفهم ، وأن الصنف الثاني : لا يفقهون ولا يسمعون ، وإنما هم كالأموات.
التفسير والبيان :
لا يكبر عليك إعراض هؤلاء المعرضين عنك وعن الاستجابة لدعائك إذا دعوتهم إلى توحيد ربهم والإقرار بنبوتك ؛ فإنه لا يستجيب لدعائك إلا الذين يسمعون كلام الله سماع فهم وتدبر ووعي ، فيصغون إلى الحق ويتبعون الرشاد.
أما الكفار المعرضون الذين تحرص على أن يصدقوك : فهم في عداد الموتى الذين لا يسمعون صوتا ، ولا يعقلون دعاء ، ولا يفقهون قولا ؛ لأنهم لا يتدبرون حجج الله ، ولا يعتبرون آياته ، ولا يتذكرون ، فالسبب في عدم قبولهم الإيمان وعدم تركهم الكفر أنهم لا يفكرون تفكيرا صحيحا فيما أنزل الله ، فصاروا بمنزلة الموتى الذين لا يسمعون ، أي إنهم موتى القلوب ، فشبههم الله بأموات الأجساد.
والقصد من قوله : (وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ) إيراد مثل لقدرته تعالى على إلجائهم إلى الاستجابة بأنه هو الذي يبعث الموتى من القبور يوم القيامة ، ثم إليه يرجعون للجزاء ، فالله وحده القادر على إحيائهم بالإيمان ، وأنت لا تقدر على هدايتهم.