ومن رحمته الإمهال إلى يوم القيامة ، والاعلام بالجمع يوم القيامة ، لإثابة الطائعين وتعذيب العاصين ، وهذا الإنذار المسبق رحمة أيضا من الله بعباده ؛ لأنهم إذا علموا بأنه لا إفلات من الحساب ، فكروا في أنفسهم ، وأصلحوا أعمالهم ، وصححوا إيمانهم.
ثم ذم الله تعالى الخاسرين أنفسهم بإهمالهم ما يقتضيه العقل والعلم من الإيمان الصحيح والاستقامة على دين الله وشرعه ، وهؤلاء الخاسرون على الإطلاق لاختيارهم الكفر هم غير المؤمنين.
ومن الاحتجاج على المشركين : أن لله ما سكن وما تحرك في الكون. قال ابن عباس: نزلت الآية : (وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) لأن كفار مكة أتوا رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : علمنا أنه ما يحملك على ما تفعل إلا الحاجة ، فنحن نجمع لك من أموالنا حتى تصير أغنانا ، وترجع عما أنت عليه ، فنزلت الآية (١) أي قال الله تعالى : أخبرهم أن جميع الأشياء لله ، فهو قادر على أن يغنيني.
وإذ قامت الأدلة على الإله الحق فكل إنسان مأمور بعبادته واتخاذه وليا ناصرا له في تحقيق النفع ودفع الضرر ، وإسلام الوجه له والانقياد لأوامره ، فهو الرزاق المطعم ، يرزق ولا يرزق ، وكذلك كل إنسان منهي عن الشرك واتخاذ الأنداد والوسطاء.
وعلى كل إنسان أن يخاف من عذاب الله يوم القيامة ، فإنه عذاب شديد ، ومن ينجو منه فقد شملته الرحمة والعناية الإلهية ، وذلك أعظم فوز ونجاح للإنسان. اللهم اجعلني وذريتي وأبي وأمي وأهلي ومشايخي من الفائزين.
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي ١٢٢