وعقائدهم ، كما ذكر فيهما أحكام المطعومات المحرّمة والذبائح ، والرد على أهل الجاهلية بتحريم بعض الأنعام تقرّبا إلى الأوثان.
ما اشتملت عليه :
قال العلماء : هذه السورة أصل في محاجّة المشركين ، وغيرهم من المبتدعين ، ومن كذب بالبعث والنّشور ، وهذا يقتضي إنزالها جملة واحدة ؛ لأنها في معنى واحد من الحجّة ، وإن تصرف ذلك بوجوه كثيرة ، وعليها بنى المتكلّمون أصول الدّين ؛ لأن فيها آيات بيّنات تردّ على القدريّة (١).
هذه السّورة شأنها كشأن السّور المكيّة عنيت بأصول العقيدة والإيمان : وهي إثبات الألوهية ، والوحي والرّسالة ، والبعث والجزاء.
وتعتمد في ترسيخ العقيدة بهذه الأصول على أسلوبي التّقرير والتّلقين.
أما أسلوب التّقرير : فهو يعرض أدلة وجود الله وتوحيده في صورة المسلّمات البديهية ، بالاعتماد على التصريح بالخلق لله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ..) أو بضمير الغائب : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ..).
وأما أسلوب التلقين : فهو إيراد الحجج بتعليمها الرسول صلىاللهعليهوسلم وتلقينها إياه لعرضها على الخصوم ، وذلك بطريق السؤال والجواب ، مثل : (قُلْ : لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، قُلْ : لِلَّهِ ، كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ قُلْ : أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً؟ قُلِ : اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ قُلْ : أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ ، مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ (وَقالُوا : لَوْ لا نُزِّلَ
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٦ / ٣٨٣