إذا زنت ، وهو قول الشافعي فيما ذكر ابن المنذر. وقال آخرون : إحصانها التزوّج بحرّ ، فإذا زنت الأمة المسلمة التي لم تتزوّج فلا حدّ عليها ، وهو رأي سعيد بن جبير والحسن البصري وقتادة. وقالت فرقة : إحصانها التزوّج ، إلا أن الحدّ واجب على الأمة المسلمة غير المتزوّجة بالسّنّة ؛ كما في صحيح البخاري ومسلم أنه قيل : يا رسول الله ، الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ فأوجب عليها الحدّ ، كما قال الزّهري. فالمتزوّجة محدودة بالقرآن ، والمسلمة غير المتزوّجة محدودة بالحديث.
والسبب في الاكتفاء بجلد الأمة المتزوّجة (الثيّب) : أنّ الرّجم الواجب على المحصنات (الحرائر) لا يتبعّض. والفائدة في نقصان حدهنّ أنهنّ أضعف من الحرائر.
وعقوبة العبد مثل عقوبة الأمة ، إذ الذكورة والأنوثة لا تؤدي إلى التفرقة في أحكام الأرقاء. ففي الآية ذكر حدّ الإماء خاصة ، ولم يذكر حدّ العبيد ، ولكن حدّ العبيد والإماء سواء : خمسون جلدة في الزنى ، وفي القذف. وفي شرب الخمر في رأي الجمهور غير الشافعية : أربعون. وعليه فإن الإماء يدخلن في قوله عليه الصّلاة والسّلام : «من أعتق شركا له في عبد قوّم عليه نصيب شريكه» (١) وهذا هو القياس في معنى الأصل ، أو قياس المساواة. ومنه قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) [النور ٢٤ / ٤] يدخل فيه المحصنون قطعا.
هذا .. وأجمع العلماء على أن بيع الأمة الزّانية ليس بواجب لازم على سيّدها ، وإن اختاروا له ذلك ، لقوله عليه الصّلاة والسّلام : «إذا زنت أمة أحدكم ، فتبيّن زناها ، فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها ، ثم إن زنت فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها ، ثم إن زنت الثالثة فتبيّن زناها فليبعها ولو بحبل من شعر» (٢).
__________________
(١) رواه الجماعة (أحمد وأصحاب الكتب الستة) والدارقطني عن ابن عمر.
(٢) رواه مسلم عن أبي هريرة رضياللهعنه.