التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن أكثر الناس أنهم لو أمروا بالامتناع عما هم عليه من المناهي ، لما فعلوه ؛ لأن طباعهم الرديئة ميّالة إلى مخالفة الأمر. وهذا من علمه تعالى بما لم يكن أو كيف يكون ما كان.
ولو أن الله تعالى فرض على الناس أن يقتلوا أنفسهم ، كما أمر بني إسرائيل بذلك ليتوبوا من عبادة العجل ، فكان قتل النفس (الانتحار) طريق التوبة ، أو لو فرضنا عليهم أن يخرجوا من أوطانهم ، ويهاجروا في سبيل الله إلى بلاد أخرى ، ما فعل المأمور به من قتل النفس وهجر الوطن إلا نفر قليل منهم.
ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به من الأوامر والنواهي المقترنة بأسبابها وعللها أو حكمها ، وبالوعد والوعيد ، لكان ذلك خيرا لهم وأحسن ، وأشد تثبيتا لهم في الدين وأرسخ.
ولو أنهم فعلوا هذا الخير العظيم وامتثلوا ما أمروا به ، لمنحناهم من عندنا أجرا عظيما وهو الجنة التي وصفها النبي صلىاللهعليهوسلم بقوله فيما رواه البزار والطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري : «في الجنة ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر» ، ولهديناهم إلى الطريق المستقيم في الدنيا والآخرة وهو العمل المؤدي إلى السعادة الدنيوية والأخروية معا.
قه الحياة أو الأحكام :
تتطلب إطاعة الأوامر الإلهية إيمانا راسخا كالجبال الراسيات ، والطاعة : حمل النفس على فعل ما تكره ، لا على ما تحب ، ولا يفعل ذلك إلا فئة قليلة من الناس ، ولو فعلوا المأمور به وتركوا ما ينهون عنه لكان لهم خيرا في الدنيا والآخرة ، ودليلا على الثبات على الحق ، وسببا لاستحقاق الثواب العظيم في