عادة القوم سلفا
وخلفا ، والى الله المشتكى.
نعم ، إنّها وكما قيل :
............................
|
|
شنشنة أَعرفها من أخزم
|
ولعل بهذا أمكن القارئ من تكوين صورة
واضحة عن الشيخ البهائي قدسسره.
ثم إنّ بعض الحوادث والقصص فيها من
الدلالة على سمّو الخلق وصفاء الباطن الشيء الكثير ، بالخصوص سمّوخلق العلماء ،
فانه فوق كل اعتبار.
والقصة
هي :
أن
الشاه عباس ركب يوماً إلى بعض متنزهاته ، وكان الشيخ البهائي وألمير الداماد في
موكبه ، إذ كان لايفارقهما غالباً ، وكان الداماد عظيم الجثة ، والبهائي نحيفها.
فأراد الشاه أن في خبر صفاء الخواطر
بينهما.
فقال للداماد وهو راكب فرسه في مؤخرة
الجمع ، وقد ظهرت عليه آثار الإعياء والتعب ، والبهائي في مقدمة الجمع :
يا سيدنا ، ألا تنظر الى هذا الشيخ كيف
تقدّم بفرسه ، ولم يمش على وقاركما تمشي أنت؟
فقال الداماد : أيها الملك ، إنّ جواد الشيخ
قد استخفه الطرب بمن ركبه ، فهو لا يستطيع التأنّي ، ألا تعلم مَنْ الذي ركبه؟
ثم قال الملك للبهائي : يا شيخنا ألا
تنظر الى هذا السيّد كيف أتعب مركبه بجثمانه الثقيل؟ والعالم ينبغي أن يكون
مرتاضاً مثلك خفيف المؤنة.
فقال البهائي : أيها الملك إنّ جواد
الشيخ أعيى بما حمل من علمه الذي لا يستطيع حمله الجبال.
فعند ذلك نزل الشاه عن جواده وسجدلله
شكراً على ان يكون علماء دولته بهذا الصفاء.