يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ ) (١) فان القول المذكور مبين للوسوسة وكاشف عنها.
وأما امتهان القمر بالأمور المذكورة فهو نفس علامة الملك والسلطنة ، لانفس جعله علامة لهما ، فلا مانع من وصل جملته بجملة الجعل فتدبر ، على أنّ أحوال القمر التي هي علاماتٌ لملكه وسلطانه جلَّ شأنه ليست منحصرة في الامتهان بالأمور المذكورة بل لها أفراد أُخر ، وكذلك الجعل المذكور ، فوصل جملة الامتهان بما قبلها يجري مجرى عطف الخاص على العام كما لا يخفى.
وتقديم الظرفين في قوله عليهالسلام : » أنت له مطيع وإلى إرادته سريع « للدلالة على الاختصاص ، كما في قوله تعالى : ( لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ) (٢).
ويمكن أن يكون رعاية السجع أيضاً ملحوظة ، والله أعلم [١٦ / أ].
الباء في قوله عليهالسلام « نوّر بك الظُلَم » إما للسببية أو للالة.
ثم إنَّ جعلنا الضوء عرضاً قائماً بالجسم ـ كما هو مذهب أكثر الحكماء (٣) ، ومختار سلطان المحققين قدّس الله روحه في التجريد (٤) ـ فالتركيب من قبيل سوّدت الشيء وبيّضته ، أي صيرته متصفاً بالسواد والبياض.
وإن جعلناه جسما ـ كما هو مذهب القدماء من أنه أجسام صغار شفافة تنفصل عن المضيء وتتصل بالمستضيء ـ فالتركيب من قبيل لبّنته وتمرته ، أي صيّرته ذا لبن أو تمر (٥).
________________________
(١) طه ، مكية ، ١٢٠ : ٢٠.
(٢) التغابن ، مدنية ، ٦٤ : ١.
(٣) منهم الفخر الرازي ، انظر التفسير الكبير ١٧ : ٣٥.
(٤) تجريد الاعتقاد : ١٦٧.
(٥) للتوسعة في بحث الضوء أُنظر مطالع الأنظار شرح طوالع الأنوار ١ : ٢٤٥ ، كشّاف اصطلاحات