وأكثرهم صدقة ، وأرأفهم بالفقراء ، وأنصحهم للمسلمين (١) ، وغير ذلك مما لا يحيط به قلم ، ولا تصور ، هذا عملاً وسيرة.
أما قولاً فاليك الصحيفة ، زبور آل محمد وإنجيلهم ، وكفى بها.
يقول سيّد الأعيان في وصفها :
الصحيفة الكاملة في الأدعية ، تحتوي على واحد وستين دعاءاً ، في فنون الخير ، وأنواع العبادة ، وطلب السعادة ، وتعاليم العباد ، كيف يلجؤون إلى ربهم في الشدائد والمهمات ، ويطلبون منه حوائجهم ، ويعملون بقوله تعالى : ( ادعوني أستجب لكم ) (٢) ، من التحميد لله تعالى ، والثناء عليه ، والشكر له ، والتذلل بين يديه ، واللجوء إليه ، والتضرع والاستكانة له ، والإلحاح عليه ، وغير ذلك من فنون الدعاء ، وأفانين المناجاة.
وبلاغة ألفاظها ، وفصاحتها التي لا تبارى ، وعلوّ مضامينها ، وما فيها من أنواع التذلل لله تعالى ، والثناء عليه ، والأساليب العجيبة في طلب عفوه ، وكرمه ، والتوسل إليه ، أقوى شاهد على صحة نسبتها ، وأنَّ هذا الدّر من ذلك البحر ، وهذا الجوهر من ذلك المعدن ، وهذا الثمر من ذلك الشجر ، مضافاً إلى اشتهارها شهرة لاتقبل الريب ، وتعدد أسانيدها المتصلة إلى منشئها صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين ، فقد رواها الثقات بأسانيدهم المتعدّدة المتصلة إلى الامام زين العابدين عليهالسلام.
وقد كانت منها نسخة عند زيد الشهيد رحمهالله ، ثم انتقلت إلى أولاده ، وإلى أولاد عبدالله بن الحسين المثنى ، كما هو مذكور في أولها مضافاً إلى ما كان عند الامام الباقرعليهالسلام من نسختها (٣).
هذا وقد اعتنى بها العلماء خاصة ، والناس عامة ، أتم اعتناء ، روايةً وضبطاً لألفاظها ، ونسخها ، وواظبوا على الدعاء بأدعيتها ليل نهار ، وبالعشي
________________________
(١) أعيان الشيعة ١ : ٦٣٠.
(٢) غافر ، مكية ، ٤٠ : ٦٠.
(٣) أعيان الشيعة ١ : ٦٣٨.