قوله تعالى : ( أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا ) (١) : أن المراد أرضاً منكورة مجهولة.
والفاء في « فاسال الله » فاء السببية ، كما في قوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ) (٢).
فإنّ ذلك الأمر المجدد الذي جعل تجدّد الشهر لإمضائه فيه لمّا كان مبهماً صارإبهامه سبباً لأن يسأل الله سبحانه أن يكون بركة وأمناً وسلامة ، وما هو من هذا القبيل ، ولا يبعد أن تجعل فصيحة كما قالوه في قوله تعالى : ( فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ ) (٣) ، إما بتقدير شرط كما هو رأي صاحب الكشاف ، أي [٢٧ / ب] إذا كان كذلك فأسأل الله؟ أو غير شرط ، كما هو رأي صاحب المنهاج ، أي وهو مبهم فأسأل الله (٤).
والحقّ أن تصدير الشرط لاعتباره لا ينافي كون الفاء فصيحة ، وأنّ الناقل واهم كما نبه المحقق الشريف في بحث الإيجاز والإطناب من شرح المفتاح.
عدوله عليهالسلام في قوله : « فاسأل الله » عن الإضمار الذي هو مقتضى الظّاهر ، جرياً على وتيرة الضمائر الأربعة السابقة ، أي الإظهار لعلّه للتعظيم ، والاستلذاذ ، والتبرّك ، وإرادة الوصف بما بعده إذ المضمر لا يوصف ، وقول الكسائي ، بجواز وصف ضمير الغائب ضعيف ، وأمّا جعل ما بعده هنا حالاً فلا
________________________
(١) يوسف ، مكية ، ١٢ : ٩.
(٢) الحج ، مدنية ، ٢٢ : ٦٣.
(٣) الأعرا ف ، مكية ، ٧ : ١٦٠.
(٤) رأي الزمخشري لم اعثر عليه في كتبه المتوفرة لديّ ، هذا وفي الأصل المخطوط ورد ( المنهاج ) وفي المطبوعة ( المفتاح ). ولدى مراجعة مفتاح العلوم : ١١٧ ـ ١١٨ وجدناه يصرح بالشرطية حيث يقول : ... « وفي خبر المبتدأ متضمناً لمعنى الشرط بكونه موصولاً أو موصوفاً ... » إذن يحتمل أن يكون المنهاج إشارة إلى أحد مؤلفات الزمخشري ، وهو مذكور في عدادها. ولم أعثر عليه.
وانظر : رصف المعاني ١ : ٤٤٨ حيث يؤيد فيه نظرية صاحب الكشاف عند قوله : « واعلم أن النصب على الجواب بالفاء إنما هو بعد الشرط والجزاء أصلاً » ...