الإحساس بها (١).
والحق أن تكيّف الهواء بالضوء في الجملة مما لا ينبغي أن يرتاب فيه فارادته عليهالسلام بالظُلم الأهوية المظلمة لا مانع منه.
ويجوز أن يريد عليهالسلام بالظُلَم الأجسام المظلمة سوى الهواء ، وهذا أحسن ؛ لاستغنائه عن تجشم الاستدلال على قبول الهواء للضوء ، وسلامته عن ثبوت الخلاف ، والله أعلم.
يمكن أن يكون مراده عليهالسلام بتنوير الظلم إعدامها ، بإحداث الضوء في محالّها ، وهذا يبتني على القول بأن الظُلمه كيفية وجودية ، كما ذهب إليه جماعة ، وهذا الرأي وان كان الأكثر على بطلانه إلا أنّ دلائلهم على بطلانه ليست بتلك القوة ، فهو باق على أصل الإمكان إلى أن يذود عنه قاطع البرهان ، فلو جوّز مجوّز احتمال كونه أحد محامل كلامه عليهالسلام لم يكن في ذلك حرج.
وأجود تلك الدلائل ما ذكروا من : أنّ الظلمة لو كانت كيفية وجودية لكانت مانعة للجالس في الغار المظلم من رؤية من هو في هواء مضيء خارج الغار ، كما هي مانعة له من إبصار من هو في الغار ، وذلك للقطع بعدم الفرق في الحائل المانع من الإبصار بين أن يكون محيطا بالرائي أو بالمرئي أو متوسطاً بينهما.
وربما منع ذلك بأنها ليست بمانعة ، بل إحاطة الضوء بالمرئي شرط للرؤية ، وهو منتف في الغار ر [١٨ / أ] ، أو يقال : العائق عن الرؤية هو الظلمة (٢) المحيطة بالمرئي لا الظلمة المحيطة بالرائي ، أو الظلمة مطلقاً.
وليس ذلك بأبعد مما يقال : شرط الرؤية هو الضوء المحيط بالمرئي ، لا
________________________
(١) الملخص : مخطوط.
(٢) في المصدر الآتي : « ... هو الضوء المحيط ». ولعل الصحيح المثبت بمقارنة ما بعده. وانظر شرح المراقف ٢ : ١٤٩.